الفصل التاسع والستون
الرواية التي أعطتْ مِن قِبل الحراسِ الذين وُضِعوا حول القبر
الرواية التي أعطتْ مِن قِبل الحراسِ الذين وُضِعوا حول القبر
أسرع كاسيوس إِلى دارِ بيلاطس بعد حوالي ساعةِ من القيامةِ، كى يَعطيه تقرير مُفصل عن الأحداثِ الهائلةِ التي حَدثتْ. لم يكن بيلاطس قد استيقظ بعد، لكن كاسيوس سُمِحَ له أَنْ يَدْخلَ غرفة نومه. لقد قص عليه كل ما حَدثِ، واظهرَ مشاعره بنبرة قوية. لقد وَصفَ كيف أن الصّخرةَ قد انشقت، وكيف أن ملاك قَدْ نزل من السّماءِ ودَفعَ الحجر جانباً؛ تَكلّمَ عن الأكفان الفارغِة أيضا، وأضافَ بكل تأكيد أن يسوع هو المسيح المنتظرَ، ابن الرب، وأنه قَدْ قام حقاً. استمع بيلاطس إلى هذا التقرير وارتعدَ وارتجفَ بالرّعبِ، لكنه أخفى هياجه بأقصى قوته، وأجاب كاسيوس قائلا : " هل تؤمن أنت أيضاً بالخرافات؛ لقد كان بغاية الحماقة أَنْ تَذْهبَ إلى قبرِ ألجليلي؛ أن آلهته استغلّتْ ضعفك، وأظهرت كل تلك الرُّؤىِ السّخيفةِ كى تُخيفك. أَوصيك أَنْ تظل صامتا، ولا تسرد من جديدَ مثل هذه الحكاياتِ السّخيفةِ إِلى الكهنة، لأنك ستنال منهم ما يُسيئك " لقد ادّعىَ أَنهْ يَعتقدَ بأنّ جسدَ يسوع قَدْ أُخذ مِن قِبل تلاميذه، وأن الحراس قَدْ ارتشِوا ونَاموا، أو ربما كانوا مَخْدُوعين بالسّحرِ، قَدْ اخترعوا هذه القصة من أجل أَنْ يُبرّرَوا تصرفهم. عندما قال بيلاطس كل ما يستطيعه فى هذا الموضوع، تركه كاسيوس، وذَهبَ بيلاطس ليقدم تقدمته إِلى آلهته.
وصل الجنود الأربعة الذين كانوا فى حَراسة القبر بعد قليل إلي قصرِ بيلاطس، وبدءوا يُخبرونه بكل ما كان قَدْ سَمعهَ مسبقا من كاسيوس؛ لكنه لم يَستمعُ إلى شيء أكثرِ وأرسلهم إِلى قيافا. تجُمّع بقية الحرّاسِ في ساحة كبيرةِ بقُرْب الهيكلِ ممتلئة باليهودِ المسنينِ، الذين، بعد مشاورات سّابقةِ، اَخذَوا الجنودَ على أحد الجوانبِ ورّشوهم وّهددوهم سَعيَا أن يُقنعونهم أَنْ يَقُولوا بأنّهم ناموا، وبينما كَانوا نائمين جاء التلاميذ وأخذوا جسد يسوع. الجنود، مع ذلك، اعتَرَضوا، لأن التقرير الذي سيقدمه رفاقهم إِلى بيلاطس سيُناقضُ أي قصة سيخترعونها الآن، لكن الفريسيون وَعدوهم أَنْ يُرتّبوا كل شيء مع الحاكمِ. بينما كانوا ما زالوا يُعارضونَ، جاء الحرّاس الأربعة من مقابلةِ بيلاطس، وسعى الفريسيون أن يُقنعونهم أَنْ يَخفوا الحقيقة؛ لكنهم رَفضوا ذلك وأعلنوا بقوة إنهم لَنْ يُغيّروا ما أعلنوه أولا ولا قيد أنملة.
النّجاة الإعجازية ليوسف الرامى من السّجنِ قَدْ شاعت، وعندما آتهم الفريسيون الجنود بأنهم سَمحَوا للحواريون أَنْ يَحْملوا جسد يسوع، وهَدّدوهم بعقابهم بأقصى عقابِ إن لم يوجدوا الجسد، أجابوا، كما أنه من المحال تماماً عليهم أَنْ يُوجدوا جسد يسوع، فأنه كذلك من المحال للجنودِ الذين هاجموا يوسف الرامى أَنْ يُرجعونه ليسجنوه ثانية. لقد تَكلّموا بأعظمِ ثبات وشّجاعةِ؛ الوعود والتّهديدات كَانت غير مؤثّرةَ على حد سواء. أعلنوا إنهم لن يَتكلّمونَ إلا بالحق ولاشيء إلا الحق وأن عقوبة الموتِ التي أُجيزت على يسوع كَانتْ ظّالمةَ وجائرةَ؛ وأن الجريمة التي اُرتكبت بوَضْعه إِلى الموتِ كَانتَ السّببَ الوحيدَ لمقاطعةِ الاحتفال بالفصحِ. الفريسيون، لَكُونُهم غاضبين تماماً جعلوا الجنودَ الأربعة يُعتَقلونَ ويلقون في السّجنِ، والآخرون، الذين قَبلوا الرشاوى، أشاعوا أنّ جسدَ يسوع قَدْ حُمِلَ مِن قِبل التّلاميذ بينما كانوا نَائمين؛ سعى الفريسيون والصديقونين وأعضاء حزب هيرودس أن يروجوا هذه الأكذوبةِ بأقصى قدرتهم، ليس فقط في المعابد بلِ بين الشعب أيضاِ؛ وصاحبوا هذا التّصريحِ الباطلِ بالأكثر الافتراءات كذبا على يسوع.
كل هذه التدابير الوقائية نَفعتَ لكن قليلاَ، لأنه بعد القيامةِ، عديد من الأشخاصِ الذين سَبَقَ أَنْ ماتوا منذ أمد طويل نُهِضوا من قبورهم، وظَهرواَ إِلى من هم من ذريتهم الذين لم يكونوا قساة القلوب للدرجة التى تمنع نفّاذ النعمةَ، ويَحْثونّهم أنْ يتوبوا ويؤمنوا. أن هؤلاء الموتى قَدْ رآهم عديد من التلاميذ، الذين غلبهم الخوف واهتز إيمانهم وهَربَوا إلى القرى. لقد حَثوهم وشَجّعوهم أَنْ يَرْجعوا، وأعادوا لهم شجاعتهم المفقودة، قيامة هؤلاء الأموات لا تشبه بأقل درجة قيامة يسوع. الذى قام بجسدِ مُمَجَّدِ ليس معرض بعد لا للفساد ولا للموت، وصَعدَ إلي السّماءِ بهذا الجسدِ المُمَجَّدِ على مرأى من كل تلاميذه؛ لكن أجسادَ هؤلاء الموتى كانت جثثَ ساكنةَ، والأرواح الذي سَكنتهم ذات مرة قَدْ سُمِح لها أَنْ تَدْخلها وتُعيدا تحركهم لفترة، وبعد أداء المهمة الموكولة لهم، تركت الأرواح هذه الأجسادِ ثانية، التي رَجعتْ إِلى حالتها الأصليةِ في أحشاء الأرضِ حيث سَيَبْقونَ حتى القيامة في يوم الدينونة. لا يُمكنُ أَنْ أن نقارن عودتهم إِلى الحياةِ إلى إقامة لعازر من الموتِ؛ لأنه رَجعَ حقاً إِلى حياةِ جديدةِ، وماتَ مرة أخرى.