تأمل العذراء المُباركة مريم
تَكلّم كثير من الأنبياءِ عنيّ: تنبئوا أنهّ كان لابد أَنْ أَعاني لأكون مستحقّة أن أَكُونَ والدة الإله. لقد تَوقّعوا أن يعرفونني على الأرضِ لكن ذلك كَانَ لابد أَنْ يَكُونَ بطريقةِ حذرة جداً. فيما بعد تَحدّث عنى الإنجيليين، خاصة لوقا, طبيبي الحبيب, طبيب النفوس أكثر من كونه طبيب الأجسادِ. بعد ذلك بُدِأتْ تؤخذ بعض الإيماءات كقاعدةِ أساسية للأحُزانِ والآلامِ التى عَانيتُها. وهكذا عُرف بشكل عام بأنّي اختبرت سبعة أحُزانَ رئيسيَة.
أبنائي، لقَدْ كَافأتْ أمكمَ وسَتُكافئُ الجهود والحبّ الذي تكنونه لي. لكن كما فعل يسوع، أُريدُ أَنْ أَتكلّمَ معكم بشكل شامل عن أحُزاني. حينئذ، ستتحدثون إِلى اخوتكَم عنها، وأخيراً سَيُقتاد بى كل شخص. بسبب ما عَانيتُه، أنى أمجد يسوع باستمرار ولا أَطْلبُ شيء سوى أن يَكُونُ مُمَجَّداًَ فيّ.
انظروا يا أبنائي الصغار، إنه لمحزن أَنْ أَتحدّثَ عن هذه الأشياءِ إِلى أبنائي، لأن كل أمِّ تَحْتفظُ بأحُزانها لنفسها. وهذا ما قد أملاه على واجبى خلال حياتي على الأرض ؛ لذلك، فأن رغبتي كأمِّ احترمتْ مِن قِبل الرب. الآن بكوني هنا، حيث الابتسامة أبدية ، ومثل كل الأمهات تلاشى الحزن الذى اختبرته بالفعل، أن َتحدّثتَ عن آلامي فهذا كي يعرف أولادي شيئاً ما عن حياتي.
أنى اَعْرفُ الثّمارَ التي سَتَحصلون عليها من ذلك وكيف أن هذه الثمار ستسر أبني الحبيب يسوع. أنا سَأَتحدّثُ عنها طالما أنكم تستطيعوا أَنْ تَفْهموني.
قال يسوعى: " كل من هو أولُ فليجعل نفسه أخراً " وهو فعل هذا حقاً لأنه وهو الأولُ في بيت الرب، لكنه نَزلَ حتى الدرجة الأخيرةِ. الآن، بسبب حبي له، أنا لَنْ آخذَ منه لا الموضع الأولً هذا ولا الأخير اللذان يخصانه. بالأحرى، أُجاهدُ أن أجعلكم تَفْهمَون هذه الحقيقةِ، وبهجتي سَتَكُونِ أعظمَ عندما تَقتنعُوا، لَيس من خلال طريقِ المعرفةِ البسيطةِ بل من خلال اقتناع عميق الجذّورِ. ليَكنُ هو الأولَ ونحن الأخيرينَ.
إن كَانَ هو الأولَ، هناك من يَجِبُ أَنْ يَكُونَ الثّاني في سلّمِ الحبِّ والمجد؛ ولذلك، بتواضع وبانسحاقِ. لابد أنكم فَهمتَم الآن ما يَجِبُ أَنْ أَكُونَ علية. أبنائي الصغار، مجدوا الرب الذي بعد ما خَلقَ مسافة هائلة بين يسوع وبيني، ما زالَ يريد أَنْ يَضعني التالية له مباشَرةً.
أبنائي، ما يبدوا مُهماً إِلى العالم,ِ لَيس بالضرورة أن يكون هكذا أمام الرب. اختياري كوالدة الإله انطوى بداهة على تقديم تَضحّيات مُحزنة واستسلام، وأول تلك التضحيات كاُن عندما عُرْفت من خلال جبرائيل الاختيار الذى تم بمحبة الرب. لقَدْ أردت أَنْ أظل فى حالة معرفةِ متواضعةِ ومختفية في الرب. لقد أردت هذا أكثر من أي شئ أخر لأن ذلك كان لذّتي أَنْ أَعْرفَ نفسي كأخيرةِ في كل شيءِ.
بمعُرْفِة اختيارِ الرب لى أجبتُ كما تعرفون، لكنه كان من الصعبَ أَنْ اَرتفعَ إِلى الكرامةِ التي قَدْ دُعِيتُ إليها.
أبنائي الصغار، هَلْ تَفْهمُون حُزني الأولَ الذي أَتكلّمُ عنة؟ تأملوا ملياً فيه، أَعطوا أمكَم البهجة العظيمةِ فى تقييم ذلك الأتضاع الذي أقيمه أنا أكثر من بتوليتى. نعم، أنا كُنْتُ الآمة التى يطلب منها أي شئ، وقد قَبلتُ فقط لأن استسلامي كُان بنفس دّرجةَ محبّتي.
لقد تَمتّعتَ يا إلهي بأن تَرْفعني نحوك، وتَمتّعتُ أنا بقُبُولَي لأن طاعتي كَانتَ تَسرك. لكنكَ تَعْرفُ كم كان هذا حزيناً جداً لي، وأن هذا الحُزنِ نفسهِ أمامك الآن في احتياج إلى النور من أجل هؤلاء الأطفالِ، الذين تَحْبّهمَ والذين اَحْبّهمُ. أنا العبدة، أه يا أطفالي، وكما تحقق لى ذلك، فليتحقق الآن لكم جميعاً بلا ارتياب كل ما يُريدُه الرب لكم!
القبول أعطى الرب الجوابَ الذي سَيَمنح البشر الَدْخولُ إِلى الفداء، وبهذا تحُقّقتْ تلك العبارةِ الرائعة :" هو ذا العذراءُ سَتَحبل وتَلدُ أبناً سَيَدْعى أسمه عمانوئيل. "
أن قبولي أَنْ أُصبحَ أم عمانوئيل، تَضمّنَ هديتي إِلى ابن الرب بكون أنّ أمه تَمْنحُ نفسها إليه، قبل أن تتُشكّلُ بشرية يسوع داخلها. لهذا كانت هديتي نتيجةَ للنّعمةِ، وأيضا سّبباً للنّعمةِ. والأسبقية يَجِبُ أَنْ تَُعرفَ أن الرب هو السّببُ الأوّلُ؛ ومع ذلك، يَجِبُ أَنْ أُؤكّدَ أنّ قبولي تم بخطةِ النّعمةِ كسبب مُرَافَقَِ .
إنهم يَدْعونني شريكة الفداء من أجل الأحُزانِ التى عَانيتُها؛ لكنى كُنْتُ هكذا حتى من قبل، من جراء منحي لذاتي له من خلال جبرائيل. يا أبني الإلهي ! كم أردت كثيراً أَنْ تَعطي الإكرام إلى أمكَ لتعوضها عن الحُزنِ العظيمِ الذى عَانتُه فسموت بكرامةِ أمكَ!
أنتم يا أطفالي الصغار كالعميان في هذا العالم، لكن حين تبصرون الأمور الرائعة فأنها ستصير حوافز لأن تفرحوا من أجلى. ستروا أي تناغم بين المجد والأتضاع هنا حيث يسوعى هو الشّمس التي لن تغيب. ستكتشفون حكمه التدبير الذى تحقق من خلال تضحيتي وفى أتضاع حياتي الخفية المستترة .
لكن أصغوا إلى الآن. بقدر ما كانت أمومتي تتقدّم, كان على أن أتحدّث إلى البعض من أحبائي عن الكرامة التى نلتها, وقد فعلت ذلك فى تكتم بقدر ما أستطيع. لقد زهدت فى إعلان غلبة سر الرب ليتمجد الرب بنفسه فى .
ومع ذلك فسرعان ما غمرني الفرح بمعرفة أنى قد اعتبرت امرأة كسائر الأخريات. ابتهجت روحي لأن آمة الرب, التى أرادت التواضع قدر استطاعتها، قد صارت مداسه من قبل العالم. عندما شك فىّ يوسف، لم أعاني، ابتهجت حقا. لا تقولوا بأنّي عانيت لأن ذلك غير صحيح. لقد كان ذلك ليلبى الرب رغبتي فى الأتضاع. هذه كانت أجرة الرب بكونى صرت أم الرب أن أعتبر امرأة ساقطة. تعلموا يا أولادي معرفة الحبّ، تعلّموا تقييم التواضع المقدس، ولا تخافوا لأنها فضيلة تشرق بنور متألق .
عندما عُقد الزّواج، لم يكن عندي مشاكل. عرفت مجريات الأمور ولم أخاف شيء. حقا أن الرب يعطى من يعطون أنفسهم بالكامل له, يعطيهم مكاناً مثالياً فى أكثر المواقف تناقضاً، كما كان الحال لي: لقد أجبرت من قبل الالتزام البشرى أن أتزوّج رجل، حتى عندما عَرفتُ بأنّي أستطيع أَنْ أنتمي فقط إِلى الرب.